ربوع إبداعية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ربوع إبداعية

حيث يلتقي المبدعون لإنشاء عوالمهم الخيالية الساحرة
 
الرئيسيةالرئيسية  اليوميةاليومية  أحدث الصورأحدث الصور  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  الأعضاءالأعضاء  المجموعاتالمجموعات  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
يرجى زيارة المواضيع التالية: مرحبًا بالمبدعين!، روابط مهمة

 

 رواية "مسغَبة"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ضَوْء




المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 01/08/2024
الموقع : أعمَاق الضياء

رواية "مسغَبة"  Empty
مُساهمةموضوع: رواية "مسغَبة"    رواية "مسغَبة"  Emptyالإثنين أغسطس 05, 2024 6:18 pm

رواية "مسغَبة"  YWBSp8TGJDvOq1MhPXgqmTMyiTyTQ46xtgwYzKLx

"كان طاهرًا ولكنّه ليس نبيًّا، وكان عاشِقًا ولكنّه ليس مجنونًا، وكان واضِحًا ولكنّه ليسَ الضُّحى، وكان غامِضًا ولكنّه ليسَ الدُّجى، وكان سهلاً ولكنّه ليس البحر، وكان صعبًا ولكنّه ليس الصّخر، وكان هو!"



--------

كَم قيل "أغلفة الكُتُب خدَّاعَة"، "فحوَى الكُتُب لا تُعرف من عناوينها" 

 لكِن عُنوان رِوَاية مسغَبة كانَ يُحدِّث عن محتواه وكذا غلافه حيثُ رجلٌ نالَ منه الشيب وبجانِبِه شاب يحمِلان مَيِّتًا فارقَ الحياة في صحرَاء بلاد عَربيَّة مِصر بالتحديد مما يبدو من جلابيبهم.

فمسغبة آتية من كلمَة سغَب التي يُقصَد بها المَجَاعَة، وهي مُستمدَّة من الآية القرآنية (أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغَبَة) 14: البَلد. وهي روَاية أحداثُها مبنيَّة على مخطوطة تاريخية قديمة خُطَّت على يَد العالم والرحَّالة موفق الدين بن عبد اللطيف بن يوسف الموصلي البغدادي الذي لهُ أُصول من مَدينة المُوصل العراقية، ووُلِد في بغدَاد، وترعرع في دَرب الفالوذج (كِناية بحلوَى تشتهر في تلك المنطقة تُباع في دُكّان حلواني يسمى أبو سليمان الحلواني) سنة 557 هـ عند جدِّه الذي بفضله ابتدأ بِحفظ نصف القرآن عندمَا كان في السادِسَة من عمره، وأكمَل حِفْظ النِصف الآخر على يد أبيه، ولمَّا اشتدَّ عودُه أكثَر حَفِظ الأحادِيث النَبَوية، ومقامات الهمذاني ومختصرات في النحو والفقه، وقسم من ديوان المتنبي. كانَ في بيت عِلم؛ فأبوه عالم في علم الحديث وأمه شغوفة بالعلم أمّا جدُّهُ فعالم بالتاريخ، وقد تِشّرَّبَ وفُطِم على حُب العِلم، فدرس في المدرسة النظامية عند الشيخ أبي بركات الأنباري الذي كانَ غزير العلم في النحو ثم تعهَّد به إلى صاحِبه الشيخ مُحب الدين أبو البقاء العكبري الذي كانَ نابِغَة فقيهًا ويُعرَف بأنه أعلَم النَاس في زمانِه بِشِعْرِ المُتَنبي. ولمَّا فَرِغ من عُلوم اللغة وطافَ في بساتينها وقرَأ كُتب كثيرة منها الأُصول لابن السرّاج، الفرائض والعروض للتبريزي، التهذيب في اللغة للأزهري، مُقدِمَة ابن بابشاذ في النحو، عَزَم على تعلًّم الطبابة والكيمياء والحِساب، فدرَس في مدرَسة الطِب البيمارستان واختار دراسة التشريح ووظائف الأعضاء لينفرد بدراستهما. ثم ارتَحَل إلى مَصر راغبًا التفرغ للتدريس ونشر العلم الذي لديه، وفي طريقه لمصر حطّت راحلته في دمشق وأخذ من جهابذة علمائها العلم مثل الكندي البغدادي النحوي، ثم ارتحل إلى فلسطين، القُدس ومنها إلى عكّا فاجتمَع ببهاء الدين شدّاد، قاضي العَسكر ومؤرخ صلاح الدين آنذاك فجمَعَهُ بعماد الدين الكَاتِب الذي أدخَلهُ على صلاح الدين وكتَبَ إلى وكيله في مَصر يوصيه أن يعتني بعبد اللطيف البغدادي ويُكرِمُه حينَ يَصِل إلى مصر، وعندما وَصل عُهِد إليه بالتدريس في مسجِد لؤلؤ الحَاجِب مُدَّة يسيرة قبل أن يبدأ بتدريس الطبابة في البيمارستان. ومِن مِصر بدأت حَبكة الحِكَاية بالظُهور، فكمَا أنَّ مِصر أمُّ الدُنيا فهي أمُّ العجائب، فبَعدَّ أن مَرَّت على البلاد التي أحاطتها الخيرات سنينًا طويلة أعوام عِجَاف صار فيها النيل الذي يمتد على طول مَصر كلها ينضب تدريجيًا وانحسر الماء عنه وتغيرت رائحته ولونه ليكشف عن لون طُحلبي عَفِن، ثُم اجتاحت البلاد زلازِل عديدة طمَست معالم القاهِرة وكادَت أن تُسقِط الأهرامات، وعزَّ الطلب على ما يُحصَد من الحَرث أو ما يُحلَب من البَقر أو ما يؤكل من المواشي حتى صار الشيء يباع بضعف سعره في الأسواق كسوق زويلة، وأصبَح الناس على حافة الهلاك، وكَانت مصر واجهة كبيرة لتجارة المنسوجات، العطارة، التوابل، اللحوم والمخبوزات والحلويات لكِن في سنة الجَدب لم يبقى من هذه الأصناف إلاّ القليل جِدًا. ثم خَرجَت فئران تجوب الشوارع بأحجام مهولة قيل أنهَا تسللت من السُفن القادِمة من البلدان الأجنبية عندمَا تُفرِّغ حمولتها وبضائعها في موانئ الإسكندرية، وآخرُون رجَّحُوا أنها بسبب الجُثث التي لم يستطع أحد انتشالها من تحت أنقاض البيوت والأبنية عندما مرّت على مصر سلسلة من الهزّات الأرضية أودَت بحياة الكثيرين الذين لم يتم دفنهم بشكل آمِن، فانتشر ما تعفَّن من الجثث. ولم تمر مدَّة إلاّ وتكاثرت الجرذان وانتشرت بأعداد هائلة وصارت تمشي بين أرجل الناس من كثرتها في الطُرق، وتنقب الطعام، وتلوث المَاء، فعزّ الطلب على القِطط حتى تطرد هذه الفئران، ولكنها هي الأخرى بدأت تختفي فلا يكاد حي توجد فيه قطة واحدة ؛فقد كانت الفئران تتخذها وجبة لها وبدأت جُثث البشر تتساقط في الشوارِع، يزداد تعداد الوفيات، العلامات المشتركة بينهم وجود بقع سوداء على الصدر، دمامِل في مناطق معينة في الجسم وحمَّى شديدة، فأيقن عبداللطيف البغدادي أنّ ثمة مَرض سيصيب الناس ويرديهم مَوتى بلا مُقدِّمَات، فنَصَح رئيس ديوان مَصر بفرض الحَجِر وأن تُبنى المزيد من  البيمارستانات، ثمَّ مرّ على مَر بعد العام الذي ابتدأ فيه الطاعون أعوَام لا يَجد فيها المرء طعَامًا يكفيه ويكفي عياله، فصار الناس تأكل لحوم الكلاب والقطط والجرذان وأي شيء يقع في أيديهم يُصاد ويُذبح ويُشَوى ليؤكل ثُم ذُبِحَت الأحصنَة والحَمير التي يركبوها، ثم لمّا قلت أعدادهم وصَار الجوع أشّد، تجرّدوا من كُل إنسانية فينتظر البعض في جُنح الليل دَفن جُثث جديدة حتى ينتشلها من قبرها ويفتحوا أحشائها وينشروا قفصها الصدري حتى يصلوا إلى كبدها فيطبخونه ويأكلونه، ثم تحول مُجرد أكل الأكباد إلى أكل لحوم البشر، فقد ذكر عبداللطيف البغدادي في ترحاله أنه من المألوف رؤية أم تعلِّق رضيعها المشوي في رقبتها تأكُل منه كُلمَا جاعت أو امرأة مشغولة بالتهام جُثة ميتة ومنتفخة تنهَر الناس الذين يستنكروا فعلها أنَّ الجثة تعود إلى زوجها وبإمكانها فعل ما ترغب به، فلا شأن لهم فيها. وِمنهم من يعمَل في انتشال مَرضى الطاعُون خانَ مهنته وسرقَ بعض الجثث وتناولهم على نار يشعلها بين قبور الموتى. وقد ذَكَر في كتابِه "الإفَادَة والاعتبار في الأُمور المُشاهَدة في مِصْر" بالحرف: "وخبرني بعض أصحابي وهو تاجر مأمون حين ورَد من الإسكندرية بكثرة ما عاين بها من ذلك. وأعجب ما حكى لي أنَّه عاين أرؤس خمسة صغار مطبوخة في قدر واحدة بالتوابل الجيدة." و "مَصر ليس لموتاها عدد ويُرمَون ولا يُوارَون، ثمَّ لمَّا عجزوا عن رميهم بقوا في الأسواق بين البيوت والدكاكين وفيها الميت قد تقطَّع وإلى جانبه الشواء والخباز ونحوه." و "دخلنا مدينة فلم نجد فيها حيوانًا في الأرض ولا طائرًا في السماء، فتخللنا البيوت، فألفينا أهلها كما قال الله عز وجل: (جعَلْنَاهُم حَصِيدًا خَامِدِيْن) فَتَجِد ساكني كُل دَار موتَى فِيْهَا الرَجل وزوجته وأولاده"

ووصَف النيل عندمَا رَكِبه ذات مرة لبعض شؤونه أنه صار مزرعة لبني آدم لِكِثرة ما امتلأ ماء النيل بالجثث، لذا فبعَدمَا أحكمَت البلاد قبضتها على مرض الطاعون وتشافى الناس منه ظهَر صيادو لحوم البشر كداء جديد، كأنما لسان الحال يقول من لم يمت بالطاعون مات قتيلاً على يد هؤلاء ومن فرَّ منهم وهَرب في إلى بلاد أخرى بعيدة ابتلعته رمال صحراء سيناء وقتلته.. وقد حَكَم ديوان مصر على من يأكل لحوم البشر بعقوبة الحرق حيًّا على أعين العَامة لكِن هذه العقوبة لم تردع منهم الكثير واستمر صيادو لحوم البشر هوايتهم الشنيعة إلى أن أخذتهم سنة الموت.. ذهَب الكثير من سُكَان مَصر آنذاك فأخذَ حاكِم مصر برأي أحدهم أن يشتري شعبًا من البُلدان الأخرى حتى يلِدَوا من يعيش على أراضي مَصر ويعملوا على إنهاضها. عاد عبد اللطيف البغدادي إلى العراق بعدمَا أدَّى مهنته الشريفة ومات أوَّل ما وصل إلى بغداد مُوصِّيًا الناس أن يكتبوا على شاهِدة قبره أبيات أبو العتاهية:
 
ما للطبيب يَمُوتُ بِالدَّاءِ الذي
قَد كَانَ يُبرِئ جُرحَهُ فيمَا مَضى
ذَهَبَ المُدَاوِي والمُدَاوى والذِّي
جَلَب الدَّوَاءَ وبَاعَهُ ومَن اشْتَرَى
 



 
 * 
ضَوْء. 

Kyuubi Mimi يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية "مسغَبة"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جلسة تصوير رواية [فتاة بحر الزمرد] ..~

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ربوع إبداعية :: ربوع القصص والروايات :: ركن قراءة الروايات-
انتقل الى: